Admin المـــــــــدير العام كنــــــــــــــــــــخ17
عدد المساهمات : 1157 نقاط : 53781 تاريخ التسجيل : 05/06/2010 العمر : 34
| موضوع: 1. شأته وحياته الأحد ديسمبر 26, 2010 8:17 am | |
| :
المتنبي هو أبو الطيب أحمد بن الحسين ،الكوفي الكندي ، ولد بمحلَّةِ كِنْدة بالكوفة سنة ( 203 هـ ـ 915 م ) ، ولهذا نسبإليها . وقد اعتنى والده بتربيته منذ الصغر ، فأدخله مدرسة بالكوفة ، تعلم فيهامذهب الشيعة ، وشيئاً من العلوم والفلسفة ، ثم انتقل إلى الشام ، وعلمه في مكاتبها، وطاف به على القبائل بالبادية ، فأخذ عنهم الفصاحة ، وبرع في نظم الشعر ، ولمتثنه وفاة أبيه عن متابعة التحصيل ، والأخذ عن اشهر اللغويين والأدباء ، حتى صارغزير العلم ، كثير الرواية عظيم الاطلاع . ودفعه طموحه إلى الدعوة لنفسه بينالقبائل في بادية الشام ، ولما عَلِمَ لُؤْلُؤُ أمير حمص بهذه الدعوة عجَّل بتفريقأصحابه عنه ، وأسره مدة ، كاد يموت فيها لولا أنه استعطفه فرَّق له ، وأطلق سراحه . ويقال أنه ادَّعى النبوة ، ولكنه يتنصل من ذلك . وأخذ المتنبي يتكسب بشعره ،ووصلته الأقدار بسيف الدولة بن حمدان فصار من خاصة شعرائه المقربين ، وقد مدحهبمدائح صافية رائعة ، ولازمه في حلِّه وترحاله ، وتلقى عنه فنون الفروسية ، وخاضمعه المعارك ضد الروم . وظل مقيماً لدى سيف الدولة ، كريم المنزلة عنده ، حتىنَفسَ عليه مكانته منافسوه من الشعراء وبعض حاشية الأمير ، فدسوا له عنده ؛ حتىأسخطوا عليه . قصدَ المتنبي إلى كافور الإِخشيدي ، متطلعاً أن ينال الحُظوةلديه ، وأن يظفر عنده بما لم يظفر به في رحاب سيف الدولة ، ومدحه بقصائد كثيرة ،ولكنه لم يظفر بأمنيته . واستأْذن المتنبي كافوراً في الخروج من مصر فأًبى ،فانتهز فرصة ليلة عيد النحر سنة 370هـ وخرج إلى الكوفة ، ومنها إلى عضد الدولة بينبويه بفارس ، فمدحه ، ومدح وزيره ابن العميد ، وعاد إلى العراق ، فخرج عليه بعضالأعراب وفيهم فاتكُ ابن أبي جهل ـ وكان المتنبي هجاه ـ فقاتلهم قتالا شديداً ، حتىقتل هو وابن وغلامه بمكان يسمى (( دير العقول )) ، على بعد خمسة عشر فرسخاً منبغداد ، سنة ( 354 هـ ـ 965 م ) .
شعره وخصائصه الفنية :
شعرالمتنبي صورة صادقة لعصره ، وحياته ، فهو يحدثك عما كان في عصره من ثورات ،واضطرابات ، ويدلك على ما كان به من مذاهب ، وآراء ، ونضج العلم والفلسفة . ويمثل شعره حياته المضطربة : ففيه يتجلى طموحه وعلمه ، وعقله وشجاعته ، وسخطهورضاه ، وحرصه على المال ، كما تتجلى القوة في معانيه ، وأخيلته ، وألفاظه ،وعباراته . وترى فيه شخصية واضحة ، حتى لتكاد تتبينها في كل بيت ، وفي كل لحظة، بل هي تُضفي طابعاً خاصاً يميز شعره عن غيره . فبناءُ القصيدة بناء محكممنطقي متسلسل ، وهو يتناول موضوعه مباشرة أن يقدم له بحكم تناسبه ، وقد ظهرت قصائدهالموحَّدة الموضوع ، أو المتماسكة الموضوعات في كهولته ، حين كان في صحبة سيفالدولة ، وكافور ، وأما قصائده الأخرى فيسير فيها على نمط الشعر القديم ، ويمزجفيها بين فنون وأغراض مختلفة . والمعاني تمتاز بقوتها وفخامتها ، وسموها غالباً، وكثيراً ما يركزها في صورة حقائق عامة ، ويصوغها في قوالب حكمة بارعة . وتختلف الأخيلة في شعره تبعاً لمراحل حياته ، ويمتاز خياله بالقوة والخصب : وألفاظه جزلة ، وعباراته رصينة ، تلائم قوة روحه ، وقوة معانيه ، وخصب أخيلته ، وهوينطلق في عباراته انطلاقاً ولا يعنى فيها كثيراً بالمحسنات والصناعة .
أغراضه الشعرية :
اتسع شعر المتنبي لأكثر الأغراض ، ولكن كثُر فيهالمدح ، الوصف ، والحكمة ، وإليك كلمة عن أغراضه :
المدح :
أكثرالشاعر في المدح ، وأشهر من مدحهم سيف الدولة الحمداني وكافور الإخشيدي ، ومدائحهفي الأول تبلغ ثلث شعره ، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقواد حتى في حداثته، وكان في مدحه حيّ الشعور ، غزير المعاني ، يكسب في مدائحه روحه الطامحة الساميةحتى نراها مزيجاً بين المدح ، والحكمة ، وكان يبدؤها بالمدح تارة وبالحكمة ،وبالغزل ، وشكوى الدهر تارة أخرى ، وما سيق منها في سيف الدولة أصدق عاطفة ، وأفخمنسجاً ، لأنه كان يراه المثل الأعلى له ، وتبدو مدائحه متقاربة الأفكار ، ولكن لهإلى جانب ذلك صوراً بديعية ، تبعث في نفس قارئها السمو والحماسة . وقد اخترنا لكممن القصيدة التي مدح فيها سيف الدولة :
وقفت وما في الموت شكٌّ لواقف كأنكفي جفن الرَّدى وهو نائم تمـر بك الأبطال كَلْمَى هزيمـةً ووجهك وضاحٌ ،وثغرُكَ باسم تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالم
الوصف : أجاد المتنبي في وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت فيعصره ، فجاء شعره سجلاً تاريخياً خلدها وخلد أصحابها ، وإلى جانب ذلك وصف الطبيعة ،وأخلاق الناس ، ونوازعهم النفسية ، كما صور نفسه وطموحه أروع تصوير ، كانت القوةواضحة في كل أوصافه ، وهو فيها واقعي إلى حد كبير . وقد قال يصف شِعب بوَّان ،وهو منتزه بالقرب من شيراز :
لها ثمر تشـير إليك منـه بأَشربـةٍ وقفن بـلاأوان وأمواهٌ يصِلُّ بها حصاهـا صليل الحَلى في أيدي الغواني إذا غنىالحمام الوُرْقُ فيها أجابتـه أغـانيُّ القيـان
الفخر : المتنبي منشعراء الفخر ، وفخره يأتي غالباً في قصائده في سائر فنونه الشعرية ، فهو لا ينسىنفسه ، حين يمدح ، أو يهجو ، أ, يرثى ، ولهذا نرى روح الفخر شائعةً في شعره . وإني لمـن قـوم كـأَن نفـوسهـم بهـا أنَـفٌ أن تـسكـن اللحـم والعظمـا
الهجاء : لم يكثر الشاعر من الهجاء لأنه لا يتلاءم مع نفسه المترفعة ،ولم ينظم فيه قصائد مستقلة إلا قليلاً ، وهو في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة، تخضع لمبدأ أو خلق ، وكثيراً ما يلجأ إلى التهكم ، أو استعمال ألقاب تحمل فيموسيقاها معناها ، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد الفظ بها ، كما أن السخط يدفعه إلىالهجاء اللاذع في بعض الأحيان . وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسونعليه مكانته :
أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ ضعيف يقاويني ، قصير يطاول لساني بنطقي صامت عنه عادل وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل وأَتْعَبُ مَن ناداكمن لا تُجيبه وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل وما التِّيهُ طِبِّى فيهم ، غيرأنني بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل
الرثاء : للشاعر رثاء غلب فيهعلى عاطفته ، ورثاء سكب فيه دموعه صادقة ، وقد كثرت الحكمة في تضاعيف مراثية ،وانبعثت بعض النظرات الفلسفية فيها ، وقصائده العاطفية في الرثاء قوية مؤثرة تهزالشعور . وقال يرثى جدته :
أحِنُ إلى الكأس التي شربت بها وأهوى لمثواهاالتراب وما ضمَّا بكيتُ عليها خِيفة في حياتهـا وذاق كلانا ثُكْلَ صاحبه قِدما أتاها كتابي بعد يأس وتَرْحَـة فماتت سروراً بي ، ومِتُ بها غمَّا حرامٌعلى قلبي السرور ، فإنني أَعُدُّ الذي ماتت به بعدها سُمَّا
الحكمة : اشتهر المتنبي بالحكمة وذهب كثير من أقواله مجرى الأمثال لأنه يتصل بالنفسالإنسانية ، ويردد نوازعها وآلامها . ومن حكمه ونظراته في الحياة :
ومرادالنفوس أصغر من أن نتعادى فيـه وأن نتـفانى غير أن الفتى يُلاقي المنايـاكالحات ، ويلاقي الهـوانا ولـو أن الحياة تبقـى لحيٍّ لعددنا أضلـنا الشجـعانا وإذا لم يكن من الموت بُـدٌّ فمن العجز أن تكون جبانا
منزلته الشعرية : لأبي الطيب المتنبي مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية ، فقد كاننادرة زمانه ، وأعجوبة عصره ، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء،يجدون فيه القوة ، والتدفق ، والشاعرية المرتكزة على الحس والتجربة الصادقة.
المراجع
1. مع المتنبي : للدكتور طه حسين . 2. ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام : للدكتور عبد الوهاب عزام . 3. المتنبي : للدكتورزكي المحاسني . | |
|